قديم 18-04-2021, 12:23 AM   #1

عملائي
 
الصورة الرمزية العطر

العضوٌﯦﮬﮧ » 8
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 104
 نُقآطِيْ » العطر is on a distinguished road
افتراضي مجاهدة النفس

إنَّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70- 71].


أما بعد:

فإن أصدق الحديث كلام الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.


وبعد: فإن المطالب العالية في الدنيا أو في الآخرة لا تنال براحة الجسم، وفلاح الإنسان وبلوغه المراتب العالية سواء في أمور الدنيا أو الآخرة مرهونٌ بمجاهدة نفسه.


وقد قال الشاعر قديمًا:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ



ولو كانت معالي الأمور مما يُنال براحة الجسد لاستوى فيها كل الناس، ولكن الأمر على خلاف ذلك، فمن أراد بلوغ القمم فلابد من المجاهدة، كما قِيل:

ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر


وكلما عَظُمَ الهدف كلما عَظَمت المجاهدة.


والعبد لا ينال الجنة إلا بمجاهدة نفسه كما أخبر رب العزة جل في علاه، قال تعالى ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾.


وقال عز وجل: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 34 - 41].


وهذه الدنيا مَيْدانُ جهاد للمؤمن يصل به إلى سبيل ربِّه، والله تعالى يقول: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمـَعَ المـُحْسِنِين ﴾ [العنكبوت: 69].


وجهاد المؤمن في هذه الحياة مرتكز في جهاد نفسه أولا قبل جهاد عدوه، وذلك بحمل النفس على ملازمة الطاعات والمحافظة عليها، وتجنب المعاصي والبعد عنها.


وهذه المجاهدة هي السبيل الموصل لمحبة الله عز وجل والفوز بجنته والنجاة من ناره، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].


وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل جعل بين العبد وبين الجنة حجابا من المكروهات، وبينه وبين النار حجابا من الشهوات، فمن أقتحم حجاب المكروهات دخل الجنة، ومن هتك ستر الشهوات ولج النار.


ففي صحيح مسلمٍ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ»، ورواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «حُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ».


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا؛ قَالَ: فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فِيهَا؛ قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ؛ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا؛ فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا - أي من شدة أهوالها وعظم نكالها وعذابها -. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا ».


فللجنة حُجبٌ، وللنار حُجبٌ؛ ومن هتك الحجاب وصل إلى ما وراءه، فمن هتك حُجُبَ النار وصل إليها، والنار محجوبة بالشهوات، ومن اقتحم حُجب الجنة وصل إليها، والجنة حجبت بالمكاره.


والمكاره التي حجبت بها الجنة: هي طاعات الله وفرائضه التي أمر الله بها عباده وإن شقت على النفوس ووقع في القلوب شيء من الكراهية لها.


والشهوات التي حجبت بها النار: عموم المعاصي؛ وإن مالت إليها القلوب وتاقت إلى فعلها.


والعبد يحتاج إلى المجاهدة في بابين، الباب الأول مجاهدة نفسه في الصبر على الطاعات، لأن الطاعة بطبيعتها ثقيلة على النفس، النفس تميل إلى الراحة والدعة، فقيام العبد إلى صلاة الفجر كل يوم يترك مخدعه وفراشه ويقوم ليصلي لله هذا ثقيل على النفس فيحتاج إلى مجاهدة.


صلاة العبد كل يوم خمس مرات في جماعة في المسجد ثقيل على النفس يحتاج إلى المجاهدة، صيام العبد من طلوه الشمس إلى غروبها عن الطعام والشراب والشهوة ثقيل على النفس يحتاج إلى مجاهدة، إخراج العبد جزء من ماله الذي تعب في تحصيله فيخرجه إلى غيره ثقيل على النفس يحتاج إلى المجاهدة.


فكل الطاعات بطبيعتها ثقيلة على النفس فتحتاج إلى مجاهدة النفس لحملها على المداومة عليها.


فهذا هو الباب الأول في باب المجاهدة وهو حمل النفس على الطاعة ولزومها، والباب الثاني هو حمل النفس عن المعصية والصبر عليها.


والمعاصي تدخل في باب الشهوات، والمقصود بالشهوات: هي مطلوبات النفس، وحظوظها الحسية والمعنوية، فالحسية مثل الأكل والشرب، والمقصود بها الشهوات المحرمة.


فأكل المال الحرام الذي يأتي بطريق سهل من الشهوات المحببة للنفس فيحتاج العبد إلى مجاهدة نفسه إن تأكل الحرام، النظر إلى المرأة الجميلة محبب للنفس لكنه حرام فيحتاج العبد إلى مجاهدة نفسه في دفعها عن النظر المحرم.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فالنفس البشرية قد رُكِّب فيها ثلاثة دواعي متجاذبة:

• فداعٍ يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشيطان من الكبر والحسد والعلو والبغي والشر والأذى والفساد والغش.

• وداع يدعوها إلى أخلاق الحيوان وهو داعي الشهوة، من النظر المحرم والزنا مما يدخل في قضاء شهوة الفرج والبطن.

• وداع يدعوها إلى أخلاق المَلَك من الإحسان والنصح والبر والعلم والطاعة.

ولا يستطيع الإنسان أن يتخلص من الداعي الأول والثاني والوقوف عند الداعي الثالث إلا بمجاهدة النفس.


ولسائل أن يسأل: لماذا جاء الأمر على هذا النحو من الصعوبة؟

لماذا حجبت الجنة بما تكرهه النفس، وحجبت النار بما تحبه النفس وتهواه، ووضع في النفس هذه الدواعي التي تتجاذبها؟

فيقال له: إن الأمر جاء على هذا النحو ليحقق العبد العبودية لله، فيكون عبدًا لله بالاختيار وليس عبدًا بالإجبار.


فالعبادة حق العبادة أن يخرج العبد من داعية هواه إلى طاعة سيده ومولاه، وهذا هو المقصدُ الشرعي من وضع الشريعة، وهو إخراج المكلف من داعية هواه، حتى يكون عبدًا لله اختيارًا كما هو عبدٌ لله اضطرارًا.


فلو لم يكن هناك اختبار وابتلاء لما تميز الصادق من الكاذب، قال تعالى ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].


والإنسان في موقفه من الشرع في صراع دائم بين هواه وبين ما يحبه ربنا ويرضاه، فإذا أطاع هواه خالف أمر مولاه، وإذا أطاع مولاه خالف هواه.


ويستمر العبد في هذا الصراع حتى يعينه ربُّه بصدق نيته فيطُّوع هوى نفسه ليوافق ما يحبه ربه.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "محبة الله توجب المجاهدة في سبيله قطعًا؛ فإن من أحب الله، وأحبه الله، أحب ما يحبه الله، وأبغض ما يبغضه الله، ووالى من يواليه الله، وعادى من يعاديه الله، ولا تكون محبةٌ قط إلا وفيها ذلك بحسب قوتها وضعفها؛ فإن المحبة توجب الدنو من المحبوب، والبعد عن مكروهاته، ومتى كان مع المحبة نبذ ما يبغضه المحبوب فإنها تكون تامة".


وقال أبو عمرو بن بُجيد رحمه الله تعالى: "من كَرُمَ عليه دينُه؛ هانت عليه نفسه".


عباد الله:

اعلموا أن مثل العبد في الدنيا كمثل رجل في هذه الحياة مثل الرجل يطارده سبع، فتعلق في غصن شجرة، فنظر تحته فوجد حفرة مظلمة شديد الظلمة، ونظر إلى أصل الغصن وإذا بفأرين أسود وأبيض يقرضانه طول الوقت، ونظر فإذا بخلية عسلٍ بجانبه فذاقه، فوجده حلوَ الطعم، فنسي الحفرة، ونسي الغصن الذي سينكسر بعد قليل، والفأرين الأسود والأبيض اللذيْن يقرضانه بلا توقف، فجلس يلعق من هذا العسل، ساهٍ ولاهٍ عما ينتظره.


فالفأران هما الليل والنهار، يقرضان الأعمال قرضاً، قبل لحظةٍ أعمارُنا أطول، واليوم أطول من أمس، وهكذا، والحفرة القبر، والسبع الذي يطارده هذا هو الموت والأجل، وخلية النحل لذات الدنيا، وشهواتها، ينغمس فيها كثير من الناس، ونسوا ما ينتظرهم من الموت والحساب والجنة والنار.


فتذكروا عباد الله وانتبهوا وهلموا إلى طاعة ربكم قبل أن يأتيكم الأجل، واعلموا أنَّ الجنة قريبةٌ من أهلها وأن النار مثلُ ذلك، فليس بين صاحب الجنة والجنة إلا أن يموت، وليس بين صاحب النار والنار إلا أن يموت، ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا ولا تدري نفس بأي أرض تموت


الموضوع الأصلي: مجاهدة النفس || الكاتب: العطر || المصدر: lmsa-des © لمسه لخدمات التصميم

كلمات البحث

إستايلات ، ديزاينات ، دورات ، تعليمات ، طلبات ، تصاميم ، دعم فني ،استفسارات،رسيرفرات ،هاكات،


العطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2021, 12:13 AM   #2

تجاهل أولئك الذين يرددون “مستحيل”.
 
الصورة الرمزية LMSA

العضوٌﯦﮬﮧ » 2
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 387
 نُقآطِيْ » LMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud of
افتراضي


أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمت بحفظ الرحمن .
LMSA متواجد حالياً  
 توقيع : LMSA
 


【•سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،•،سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم•】


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجاهدة, النفس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 01:25 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
This Forum used Arshfny Mod by islam servant