تسحروا فإنّ في السُّحور بركة
بسم الله الرحمن الرحيم ◾السَّحور : بفتح السّين ما يؤكل وقت السّحر - آخر الليل - وبضم السّين : هو الفعل - يعني أكل السُّحور - وقد صحّ عنه - صلّى الله عليه وسلّم - ، أنّه قال : " تسحروا فإن في السُّحور بركة" ، متفق عليه . ◾وهل الأمر في الحديث يفيد الوجوب أم الاستحباب ؟ وماهي البركة في السُّحور؟ ومتى يبدأ وقت السحور؟ وما المستحب في السُّحور ؟ ◾أولاً : الأمر في الحديث يفيد الاستحباب وليس الوجوب ، وقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على ذلك ، والدّليل على الاستحباب مواصلة النّبي صلّى الله عليه وسلّم - وأصحابه الصّيام لأكثر من يومين كما في الأحاديث الصّحيحة ، ولو كان السّحور واجباً لما واصلوا وتركوا السُّحور . ◾وما هي البركة في السُّحور : • السُّحور فيه بركة دينيّة ، وهي امتثال أمر النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ، والاقتداء به ، وكذلك فيه مخالفة لأهل الكتاب لقوله - صلّى الله عليه وسلّم : " فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحر " ، رواه مسلم. • ومن بركتة التّقوي على العبادة ، وحفظ قوة البدن ونشاطه . • ومن بركته القيام آخر الليل للذّكر والصّلاة والدّعاء. • ومن بركته ما ذكره الحافظ في الفتح : أنّه يعين على مُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ ، قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ : هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ قَالَ : وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ نقل كلامه هذا الحافظ " ابن حجر" في فتح الباري. ◾ويحصل السُّحور بتناول القليل من الطّعام أو الشّراب لحديث أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - : "السُّحور أكله بركة ، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء" ، رواه أحمد وغيره وإسناده حسن ، وقال البهوتي: ( وتحصل فضيلته) أي : السحور (بشربٍ) لحديث : ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ، ويحصل كمالها أي : فضيلة السحور (بأكلٍ) للخبر ، وأن يكون من تمرٍ لحديث : " نعم سحور المؤمن التّمر" (شرح منتهى الإرادات) . وقال شيخ الإسلام : والأشبه : " أنّه إن قدر على الأكل فهو السّنّة" (كتاب الصيام من شرح العمدة) . ◾وقت السُّحور : أمّا وقته فيكون في آخر الليل ، فالسَّحور هو ما يُؤكل في أخر الليل - وقت السّحر - ، قال الحافظ ابن حجرٍ في فتح الباري : " السّحر هو آخر الليل والسُّحور هو الغذاء في ذلك الوقت.انتهى كلامه ، ويمتد إلى أذان الفجر الثّاني ، فيجوز للإنسان أن يأكل ويشرب حتى يؤذن الأذان الثّاني ، لقوله - صلّى الله عليه وسلّم - : إنّ بلالاً يؤذن بليلً فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتومٍ ، متفق عليه. وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ وقت السُّحور يبدأ من بعد منتصف الليل والرّاجح أنّ وقت السُّحور يكون في آخر الليل ، أمّا الأكل بعد صلاة التّراويح وقبل منتصف الليل فليس بسحورٍ على كلا القولين. ◾ويُسَنُّ للصائمِ أن يُؤخر السُّحورِ ما لم يخشَ طلوعَ الفَجرِ ، فعن أنسٍ - رَضِيَ اللهُ عنه - أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حدَّثَه : "أنَّهم تسَحَّروا مع النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ ، قلتُ - أي أنَس - : كم بينهما؟ قال: قَدْرُ خَمسينَ آيةً ، اخرجه البخاري فالحديثُ فيه دَلالةٌ على استحبابِ التَّسحُّرِ وتأخيرِه إلى قريبِ طُلوعِ الفَجرِ الثاني وقد نقل الإجماعَ على ذلك : ابنُ رُشد ، وابنُ مفلِحٍ ، والمَرداويُّ . ◾كيفية حساب منتصف الليل : الليل يبدأ من غروب الشّمس ، وينتهي بطلوع الفجر، فتحسب المدّة ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، ثمّ تقسم الناتج على اثنين ، ثمّ تضيفه إلى وقت الغروب فيكون الناتج منتصف الليل. |
الساعة الآن 01:02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas