قديم 18-04-2021, 12:49 AM   #1

عملائي
 
الصورة الرمزية العطر

العضوٌﯦﮬﮧ » 8
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 104
 نُقآطِيْ » العطر is on a distinguished road
افتراضي فقه خلق تفقد الناس

تَفَقُّدُ الشخصِ هو: السؤال عنه، ومعرفة سبب غِيابه، ومَآل حاله، وتقديم يد العون له إذا احتَاج، وهو خُلُقٌ كريم يدْعو إليه الإسلامُ، وتحمله النفوس الطيِّبة، وكان من شمائل أخلاقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه: "يَتفَقَّد أصحابَه، ويسأل الناسَ عمَّا في الناس"؛ (أخرجه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "الشعب"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" من حديث هند بن أبي هالة، وهو حديث طويل، وللحديث شواهدُ كثيرةٌ من فعله - صلَّى الله عليه وسلَّم).



وخُلُقُ تَفَقُّدِ الناسِ بعضِهم بعضًا يبعَثُ على إيجاد مجتمعٍ مُترابِطةٍ أوصَالُه، مُتَحابَّةٍ أفرادُه؛ بل يجعلهم جميعًا كمَثَلِ الجسد الواحد، كما في وصف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لحال جماعة المسلمين: ((مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم مَثَلُ الجسد؛ إذا اشتَكَى منه عضوٌ، تَداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمَّى))؛ (أخرجه مسلم وغيره من حديث النعمان بن بشير - رضِي الله عنه -).



فمَن يَتَفقَّدْ أحوالَ الناس يَزدَدْ في قلوبهم محبَّة وتوقيرًا، ويكُنْ لغيره أسوَة حسنة، ثم يتفقَّد الناس أحوالَه إذا غاب عنهم أو أَلَمَّ به شيءٌ، كما قال أبو الدرداء - رضِي الله عنه -: "مَن يَتفقَّد يُفْقَدْ"؛ (أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه"، وابن المبارك في "الزهد").



وفي المُقابِل: غياب هذا الخُلُق في الناس يُشعِر الإنسانَ مِنَّا بالغربة بين أقرب الناس إليه وأحبِّهم عندَه؛ بل ويُوَلِّد عندَه الإحساس بتَقصِيرهم نحوَه، لا سيَّما إذا كان له حاجَةٌ ينتَظِر مَن يقضيها له، أو في أزمَة يبحث عمَّن يُعايِشه فيها ليتجاوَزَها.



كما أنَّ ضَعْفَ هذا الخُلُق في الناس يُعمِّق فيهم حبَّ الذات وتقديمها على الآخَرين وحقوقهم الشرعية؛ إذ كلُّ فردٍ في المجتمع يَشعُر بأنَّ مَناط عمله وجُهده نفسُه وحسب؛ ولهذا يَكثُر في مُجتَمعاتِنا اليوم حبُّ (الأنا)، التي هي الأَثَرة أو كما يُقال: (الأنانيَّة)، وذلك بعد أن اندَثَر هذا الخُلُق العظيم من مُجتَمعاتِنَا؛ بل ومن صفوة المجتمع الذين يَحمِلون منهجَ الله في الأرض.



وتفقُّد أحوال الناس يفتح بابًا واسِعًا على الإنسان لِجَمْعِ الحسنات ومَحْوِ السيئات؛ فإنَّه يعني: عيادة المريض، والإحسان إلى المحتاج، والتفريج عن المكروب، وغير ذلك من أعمال البرِّ والفلاح، التي أقلُّها الاهتِمام بأمر المسلم.



وقد كان هديُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - السؤال عمَّن غاب من أصحابه - رضِي الله عنهم - وهذا كثيرٌ جدًّا في سنَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعن أنس بن مالك - رضِي الله عنه -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - افتَقَد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك عِلمَه، فأتاه فوجَدَه جالسًا في بيته مُنكِّسًا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال ثابت: شرٌّ؛ كان يرفع صوته فوق صوت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد حبط عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجل فأخبَرَه أنه قال كذا وكذا، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اذهب إليه فقل له: إنَّك لستَ من أهل النار، ولكن من أهل الجنة))؛ (أخرجه البخاري وغيره).



فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع عظيم انشِغاله بالدعوة وهمومها، لم يغفل غِياب ثابت بن قيس - رضي الله عنه - عن مجلسه وفقده له، فتحرَّى خبره - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفرَّج عنه كربته، وزادَه بشارة عظيمة كبيرة، فماذا لو لم يَتَفقَّد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثابت بن قيس ويُفَرِّج عنه أعظم كربة يَراها ثابت؟



والناس كثيرًا ما تحتاج لِمَن يُفَرِّج كُرُوبها ويَقضِي حوائجها، وقد لا يُكلِّفنا الأمر كلُّه أكثر من كلمة، أو شيءٍ يسيرٍ نَجُود به، فلا نفعل؛ لأننا أصلاً لا نَتَفقَّد أحوال إخواننا، ولا نهتمُّ بغير ذواتنا وملَذَّات نفوسنا.



والنفوس الأبيَّة قد تقبَل يد العون، لكنها لا تسألها عادَةً وإن احتاجت إليها، فإن لم يلحظ حاجاتها المقرَّبون منها، فمَن؟!



وعن عبدالله بن بُرَيْدَةَ عن أبيه - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَتَعهَّد الأنصار ويَعُودُهم ويَسأل عنهم، فبلغه عن امرأةٍ من الأنصار مات ابنُها وليس لها غيره، وأنها جزعتْ عليه جزعًا شديدًا، فأتاها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأمَرَها بتقوى الله وبالصبر، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة رَقُوبٌ لا ألد، ولم يكن لي غيره، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الرَّقوب التي يبقى ولدها))، ثم قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما من امرئ أو امرأة مسلمة يَمُوت لها ثلاثة أولاد إلا أدخَلَهم الله بهم الجنَّة))، فقال عمر: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي واثنان؟ قال: ((واثنان))"؛ (أخرجه الحاكم وهو في الصحيحين مختصرًا، وقال الألباني في "أحكام الجنائز": على شرط مسلم، وقال: ولا ينزل عن رتبة الحسن).



وفي هذا الحديث الجليل أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يَتَعهَّد الناس، ويَسأل عنهم، ويتفقَّد أحوالهم، ولهذا أعظمُ الأثر في نفوس أصحابه - رضِي الله عنهم - وفي هذا كذلك حثٌّ للدُّعَاة وأصحاب القِيادات لتَفَقُّد أحوال المدعوِّين والمقرَّبين منهم.



ومن هذا كذلك تَفَقُّده - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمرأة التي كانت تَقُمُّ المسجد؛ أي: تجمع قمامته؛ فعن أبى هريرة - رضِي الله عنه -: "أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد، ففقَدَها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسأل عنها، فقالوا: ماتت، قال: ((أفلا كنتم آذنتموني؟))، قال: فكأنهم صَغَّروا أمرها، فقال: ((دُلُّوني على قبرها))، فدلُّوه فصلَّى عليها"؛ (أخرجه البخاري ومسلم).



فلمَّا صَغَّر الناسُ أمرَ هذه المرأة، أعلى - صلَّى الله عليه وسلَّم - من شأنها بصلاته على قبرها، ووفى لها - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد موتها، ولو لم يَتَفقَّدها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَفاتَها فضلُ صلاته - صلَّى الله عليه وسلَّم - على قبرها والدُّعاء لها.



ومن التفقُّد تحرِّي معرفة حال الإنسان لتقديم المساعدة له، سواء أكانت هذه المساعدة مساعدة ماديَّة أو معنويَّة؛ فالماديَّة كتقديم مال يَتجاوَز به محنته، أو إعانته على حاجةٍ له، والمعنويَّة كالجلوس معه، ومشاركته همومه، وغير ذلك.



وليس تحرِّي معرِفة حال الأخ من الأخ من الفضول والتدخُّل فيما لا يَعنِي؛ بل هو من حُسْنِ الإخاء، وكرم الأخلاق، ومُقتَضَى المروءة.



والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


الموضوع الأصلي: فقه خلق تفقد الناس || الكاتب: العطر || المصدر: lmsa-des © لمسه لخدمات التصميم

كلمات البحث

إستايلات ، ديزاينات ، دورات ، تعليمات ، طلبات ، تصاميم ، دعم فني ،استفسارات،رسيرفرات ،هاكات،


العطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2021, 12:06 AM   #2

تجاهل أولئك الذين يرددون “مستحيل”.
 
الصورة الرمزية LMSA

العضوٌﯦﮬﮧ » 2
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 387
 نُقآطِيْ » LMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud of
افتراضي


أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمت بحفظ الرحمن .
LMSA غير متواجد حالياً  
 توقيع : LMSA
 


【•سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،•،سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم•】


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فقه, الناس, تفقد, خلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 05:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
This Forum used Arshfny Mod by islam servant